الامة العربية في خطر شديد أ. د. محمد طاقة

الامة العربية في خطر شديد


                          أ. د. محمد طاقة


كتبت عديد من المقالات والدراسات ، أنبِهُ

فيها عن خطورة الاوضاع في المنطقة العربية وعن التآمر الذي أُعِدَ لها ، والمشاريع التي تنفذ من أجل طمس الهوية العربية والاسلامية ، ومن اخطر المشاريع التي نبهتُ عليها هو مشروع ( برنارد لويس) الذي يهدف الى تمزيق الامة العربية ومسح هويتها وكيانها ، وجعلها كيانات صغيرة تتنازع مع بعضها ، كيانات طائفية وعرقية ومناطقية وعشائرية . واليوم نرى ما يحدث من تنفيذ هذا المشروع والامة تعيش في سبات عميق لا حول لها ولا قوة ، وبنفس الوقت اعداء الامة العربية والاسلامية يجندون كل طاقاتهم من أجل الاستحواذ على الامة العربية طامعين بما تمتلكه الامة العربية من موارد مادية وبشرية هائلة أهمها النفط والغاز  وكذلك موقعها الاستراتيجي بالنسبة للعالم أجمع كونها تربط الشرق بالغرب وتسيطر على المنافذ البحرية المهمة .

استخدمت الصهيونية العالمية ( السلطة الرابعة ) أي الماكنة الاعلامية ، حيث اسهم الاعلام بزرع الفتنة بين مكونات شعوب المنطقة العربية ، مؤججاً المسألة الطائفية والاثنية وعلى وجه الخصوص اللعب على الورقة الدينية والطائفية مستغلا ً في الوقت نفسه حالة التخلف المنتشرة في بلادنا  كونها تمثل أرضية خصبة لتمرير ذلك . كما استغلت التناقضات الموجودة داخل المجتمعات العربية .

ذلك كله من أجل تحقيق اهدافها في تجزئة المجزأ واضعاف الامة واستهداف مقومات نهوضها حتى تضمن أمن الكيان الصهيوني ومصالحها في المنطقة . وعمدت الى دعم بعض الحكام العرب الذين يسيرون في ركابها وينفذون ما يراد منهم .

وتنفيذا لما ورد في مشروع برنارد لويس المشؤوم الذي حصل على موافقة الكونكرس الامريكي عام (١٩٨٣) وبالاجماع وفي جلسة سرية وتم اعتماده وادراجه في ملفات السياسة الامريكية الاستراتيجية لسنوات مقبلة وهو يهدف الى تفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والاسلامية جميعاً وكل على انفراد ، ومنها العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان وايران وتركيا وافغانستان وباكستان والسعودية ودول الخليج ودول شمال افريقيا .

 إن هذا المشروع الصهيوني الجهنمي هو اعادة تقسيم الاقطار العربية والاسلامية الى كانتونات صغيرة هزيلة تقاتل بعضها البعض والعمل على تغيير ديموغرافيتها بنحو تدريجي حتى يتمكن الكيان الصهيوني ان يهيمن عليها ويسيطر على المنطقة ويكون سيدها المطاع .

تبنت القوى الخفية هذا المشروع لتحقيق هذه الاهداف ووضعه موضع التنفيذ ، أي متتبع للاحداث في المنطقة سيجد أن ما يحدث هو تنفيذ حرفي لما جاء في هذا المشروع الاجرامي . فمنذ الثمانينات من القرن الماضي تم اشعال الحرب الاهلية في جنوب السودان ثم انفصاله عن الشمال وأثارة الحرب الاهلية في دار فور  وحرب ايران مع العراق وحرب افغانستان ، ولم تكتفي القوى الخفية باضعاف جميع الاطراف بحيث اصبحت عاجزة عن الدفاع عن نفسها وبعدها قررت غزو العراق الذي يحمل راية المشروع القومي العربي وكان ذلك من أولويات مخطط الصهاينة ، واعتبروا أن انهيار العراق سيكون بوابة انهيار الامة العربية ، وهذا ما حدث فعلاً ، فبعد انهيار العراق انهارت الجبهة الشرقية للامة العربية وضعفت بقية الجبهات وستنهار تباعاً. والذي نفذ ذلك القوات الامريكية والبريطانية وبالتحالف مع الفرس ( ملالي طهران وقم ) ومع الرتل الخامس المتمثل بالعملاء والجواسيس والمرتزقة والمليشيات المعدة سلفاً لهذا الغرض .

ومن ادوات تنفيذ هذا المشروع الاقليات التي تعيش على الارض العربية كالاحزاب الكردية والتركمانية والبربر في شمال افريقيا وغيرها ، فضلا عن استغلال الجانب الطائفي والعشائري والاثني والديني ، وهنا جاء دور ايران المحوري في تنفيذ ذلك ، كما حدث في العراق وسوريا ولبنان واليمن واستغلال حالة التخلف المنتشرة في هذه الاقطار حتى تم تعميق النفس الطائفي والاثني الذي وصل الى حد الاقتتال بين الاخوة ومن اخطر الادوات المستخدمة لتنفيذ هذا المشروع هي الاحزاب الاسلامية أو ما يسمى بالسلام السياسي المدعومة من جهات اجنبية وعالمية وعلى وجه الخصوص حزب الدعوة العميل لايران وحزب الاخوان المسلمين والمعروفة ارتباطاتهم لدى الشعب العربي . لعبت هذه الاحزاب الاسلاموية دورا خطيراً جداً في مناهضة المشروع القومي العربي. وسعت على تشويه سمعته واضعافه ، وحققت حلم الصهاينة على جعل العرب يقتلون بعضهم البعض ويضعفون انفسهم بانفسهم من دون اي عناء وهم يتفرجون علينا .
ونحن اليوم نراقب ما يحدث الان من تطبيق عملي لهذا الوصف .
ففي العراق نشب الاقتتال بين العراقيين انفسهم بعد ان احتلت دولتهم الوطنية القوية، وكذلك في ليبيا اندلع الاقتتال بين الليبيين حيث الاحزاب الاسلامية تقاتل الشعب الليبي الذي يرفضها ، وفي لبنان ودور حزب الله الايراني في تمزيق الوحدة الوطنية اللبنانية والشيء نفسه يحدث في سوريا حيث السوريون يقتلون بعضهم بعضاً
ونظام الاسد الموالي الى ايران يتعمد قتل شعبه والحوثيين   في اليمن المدعومين من ايران يقاتلون الشعب اليمني العربي ، واذا استمر الوضع العربي على ماهو عليه سيتم تعميم هذا المخطط على  بقية الدول العربية والاسلامية كما حدث وسيحدث في مصر والاردن والبحرين ، ومن الملاحظ أن الذي يحدث على الساحة العربية تنفذه ايران واذرعها والاحزاب الاسلاموية الموكل اليها تنفيذ مشروع ( برنارد لويس ) .
اذن العرب يقتلون بعضهم بعضاً والمستفيد من الذي يحدث كله هو الكيان الصهيوني واعداء العرب .
نعم لقد تمكنوا من احتلال العراق وتدميره
سياسياً واقتصادياًواجتماعياًواخلاقياً وثقافياً وارجعوه الى عصر ما قبل الصناعةوسلموه بيد عملاء وجواسيس وقطاع طرق وسراق ومنحطين اخلاقياً منذ عام ( ٢٠٠٣) وحتى يومنا هذا ونفس الشيء حدث مع القطر السوري واللبناني واليمني والليبي ولم يبق امامهم سوى مصر العربية والاردن العربي وجيشيهما ، وما يحدث في غزة ما هو الا بداية لطمس القضية الفلسطينية وخلق حالة من التوتر القصوى اتجاه مصر والاردن
والعمل على محاصرة مصر اقتصادياً وسياسياً وذلك من خلال اجبار السفن التجارية تغيير مسارها حتى لا تمر عبر قناة السويس والذي سيجعل الاقتصاد المصري في حرج شديد ، علما ان التقديرات الاولية تؤكد من خسارة نصف واردات القناة والبالغة (٥) مليار دولار سنوياً ، وكذلك الضغط على مصر حتى توافق على استقبال سكان غزة واسكانهم في سيناء بالاضافة الى الضغط الكبير من قبل اثيوبيا ومشكلة نهر النيل ، والشيء نفسه سيتم الضغط على الاردن من خلال تحريك الاحزاب الاسلاموية في الداخل ضد النظام بحجة دعم حماس .
اصحوا يا عرب ، اصحوا شعوباً وحكاماً واحزاباً ، إن امتنا العربية في خطر شديد ، امتنا مهددة بوجودها  وبمحو هويتها
ولنعلم أن اكثرية العالم وبقيادة الصهيونية العالمية والماسونية وادواتها من دول ومؤسسات دولية وغير رسمية تناصب العداء لامة الاسلام الحقيقي وغير المزيف وكذلك العرب كونهم حملة الاسلام ، وهذا يتطلب الوقوف بكل ما نملك من قوة لمواجهة هذه الهجمة الصهيونية الماسونية والعمل على توحيد الصفوف وتبني استراتيجية وبرنامج عمل عربي موحد للوقوف والدفاع عن الامة ووجودها وهويتها القومية ، وهنا نود ان نقول ، اين دور الاحزاب السياسية ذات التوجهات القومية والعروبية واين دور منظمات المجتمع  المدني العروبي والقومي واين دور الشعب العربي المخدر واين دور القيادات الحزبية العروبية  والتي نعول عليها في قيادة الجماهير ، اين تنظيمات الناصريين والقوميين العرب واين الدور الموكل الى حزب البعث العربي الاشتراكي وقيادته القومية وقيادات الحزب في الاقطار العربية في قيادة الجماهير ، هل تكتفي باصدار البيانات بالمناسبات والتي اصبحت هذه الاساليب مملة وغير مقبولة لدى الشباب العربي والذين يحتاجون الى قيادات فاعلة ومؤثرة وتعمل بشكل دؤوب وبما يتناسب مع التطورات الحديثة على تغيير الواقع المرير الذي تمر به امة العرب وامة الاسلام .
ان الوحدة العربية ووحدة قواها الثورية التقدمية ووحدة امكاناتها المادية والبشرية
ستأهلها على تجاوز محنتها وان تلعب دوراً
رائداً وفاعلاً ومؤثراً لخدمة الانسانية جمعاء
ان هذه الازمات والضغوطات الهائلة التي تمارس ضد الامة العربية ستتحول الى حافز مهم جداً لزيادة الوعي الجمعي عند الشعب العربي وحافز مهم ومعجل لتحقيق هدف الوحدة بصفته طريق الخلاص الوحيد والامثل لحل جميع مشكلات الامة .