العراق بلد بلا سيادة أ. د. محمد طاقة

العراق بلد بلا سيادة ..


                أ. د. محمد طاقة

لقد كتبت العديد من الدراسات والمقالات العلمية في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والفلسفية . وكنت اتجنب الخوض في المجالات السياسية ، بسبب تعقيداتها وتشابكها وكثرة التضليل والكذب فيها ، على سبيل المثال امريكا اليوم تضرب اذرع ايران والتي هي اذرع امريكا في المنطقة وهي التي كانت تدعمها وتسهل عملها ، وامريكا هي التي سلمت العراق الى ايران على طبق من ذهب ، وامريكا على علم بكل ما تفعله ايران ومليشياتها المسلحة من قتل وتدمير وسرقة اموال في العراق .

ونلاحظ ان الجميع يقاتلون داعش ( امريكا وايران وتركيا وسوريا والعراق واوربا وروسيا وغيرها من الدول ) ، وهم الذين خلقوها ووجدوا داعش ودعموها ، وهكذا الكثير من هذه المفارقات ، فالامور السياسية متداخلة مع بعضها البعض ومن الصعب ادراكها .

وكذلك بسبب وجود الكثير من المحللين السياسيين والاستراتيجيين الذين يكتبون حول تلك المواضيع وعلى وجه الخصوص المحللين الذين يظهرون على شاشات التلفزيون ويتحدثون بالامور السياسية وكل حسب وجهة نظره ومرجعياته التي ينتمون اليها ، او كما يشتهي صاحب القناة التلفزيونية ، ولا حظنا ان العلماء والمتخصصين في العلوم السياسية يتحفظون عن ابداء آرائهم بل يحتفظون بآرائهم لاوقات اخرى . ولكن بعد الضربات العسكرية الامريكية لكل من العراق وسوريا والذين تم اعطائهم فترة وجيزة لاخلاء مقراتهم ومعسكراتهم قبل ضربهم ، اطلعنا على ما ذكرته الحكومة العراقية وفي بيان رسمي ان الضربات الامريكية على مقرات الحشد الشعبي التابع لايران ومقرات المليشيات المسلحة الايرانية الاخرى والتي تتحكم بالعراق كله ، ان هذه الضربات ( تعتبر انتهاكًا للسيادة العراقية ) ، ووجدنا ان القليل من علق على ذلك وكأن للعراق سيادة ؟

فعن اي سيادة تتكلمون ، وعلى من تضحكون ، وهل انتم تعرفون معنى سيادة بلد وكيف تكون ؟

السيادة بمعناها المجرد  تعني السلطة او الهيمنة او الغلبة او تعني السيطرة . وسيادة البلد تعني سلطتها ورفعتها ومجدها ، والدولة ذات سيادة تعني دولة مستقله . وكذلك تعني السيد ، اي انا اكون سيد نفسي ، اي اكون حرا دون ان يتدخل احد في اموري الشخصية ، وكذلك الشعب ان يكون سيد نفسه اي ان يكون حرًا في بلده دون ان يسمح لاحد ان يتدخل في شؤونه ومن اي جهة خارجية .

لذا فان معنى سيادة الدولة هي الحق الكامل للهيئة الحاكمة وسلطتها على نفسها دون اي تدخل من جهات او هيئات خارجية .

لذا فان معنى سيادة الدولة ، ان تكون حرة في اختيار الحكم الذي ترتضيه وتبني النظام الاقتصادي والاجتماعي الذي تراه مناسبا لها ، وتعتبر ناقصة السيادة اذا شاركتها دولة اجنبية او هيئة دولية في ممارسة اختصاصاتها الاساسية .

ان الدولة الكاملة السيادة ، عليها ان تكون مستقلة سياسيا واقتصاديا ، فالاستقلال السياسي يكون ناقصا اذا لم يتبعه استقلال اقتصادي ، يكمله ويحقق للبلد السيادة الكاملة ، دون اي تدخل خارجي ، وهذا ما حدث لاول مرة في تاريخ العراق المعاصر ، عندما امم العراق النفط عام (١٩٧٢) وحقق العراق استقلاله السياسي والاقتصادي بشكل كامل ، وحقق السيادة الكاملة على البلد سياسيا واقتصاديا .

فعن اي سيادة تتحدثون واين انتم من كل ذلك ؟ والعراق مستباح وحدوده مفتوحة ( لمن هب ودب ) والمليشيات الايرانية تتحكم بجميع المنافذ الحدودية وتجني مبالغ ضخمة جراء ذلك .

لقد فقد العراق سيادته منذ عام (٢٠٠٣) اي بعد غزوه واحتلاله من قبل القوات الامريكية ومن معها ، والى يومنا هذا ، لان العراق لازال تتحكم به امريكا وايران والكيان الصهيوني وهو حبيس لرغبات هؤلاء ومصالحهم . والجميع يعلم ان امريكا الغازية هي التي فرضت على العراق دستوره المسخ وحكوماته المتعاقبة ، وهي حكومات احتلال ( كحكومة فيشي في فرنسا ) تنفذون ما يريده اسيادكم في قم وواشنطن وتل ابيب .

عن اي سيادة تتكلمون ، وانت قمتم بتدمير البلد وبشكل ممنهج اجتماعيا واقتصاديا. واخلاقيا وسياسيا ، ودمرتم التعليم والصحة وزادت نسبة الامية بشكل خطير ، و جذرتم الطائفية والاثنية ودمرتم الاقتصاد الوطني وتم ربطه بايران بحيث لم يعد هناك اقتصاد صناعي وزراعي وقطاع خدمات ، وحولتم الاقتصاد الى ( بقالة ) لبيع النفط والايرادات المتأتية من بيعه توضع في صندوق خاص في امريكا وهي اليوم تتحكم بهذه الاموال لا مجال لشرحها . علما ان هذه الايرادات تتوجه للنفقات التشغيلية والمتبقي يسرق وبطرق مختلفة معروفة لدى الشعب ، فالفساد المالي والاداري في العراق وصل الى حد لايطاق واصبح العراق اكثر الدول في العالم فسادا .

لقد لغيتم قرار التأميم الخالد وذلك من خلال الالتفاف على السياسات النفطية الوطنية ومن خلال جولات التراخيص وعقود المشاركة وسهلتم عملية اعادة الشركات الاجنبية ودورها في الاقتصاد الوطني .

يا حكومات الاحتلال ، ماذا بقيتم من سيادة العراق ، فالعراق بوجودكم فقد كل شيء ..