أوكلت يوم أكل الثور الابيض أ. د. محمد طاقة

أوكلت يوم أكل الثور الابيض


                        أ. د. محمد طاقة


ان حكاية الثور الابيض ، هي حكاية شعبية يقال انها من التراث اليوناني مفادها ، هنالك ثلاثة من الثيران تعيش معا في احدى المراعي الواسعة ، كان لاحدها لون ابيض والاخر احمر والثالث لونه اسود ، وكان يعيش بجوارهم أسد يطمع بهم ، وكان الاسد لايقدر منها مجتمعين ، لان الاسد لا يمكنه النيل منها إلا منفردة ، وتمكن الاسد من اقناع الثور الاحمر و الاسود من ان يأكل الثور الابيض بسبب لونه الفاقع ، ومن الممكن ان يدل على مكانهم للصيادين ، فقالا له ( اذهب وكله ) ، وهكذا تمكن الاسد من ان يأكل الثور الابيض ، وبنفس الحيلة تمكن من ان يأكل الثور الاسود ، وبقي الثور الاحمر لوحده ، وعندما جاءه الاسد ، قال الثور الاحمر باعلى صوته ( أكلت يوم أكل الثور الابيض ) .

استوقفتني هذه الحكاية ، بمعانيها العميقة ، والدروس التي علينا ان  نستنبطها منها ، وعلى وجه الخصوص من هم بموقع المسؤولية الاولى بالدول العربية ، ان يدركوا الدر س البليغ من هذه الحكاية ، فالفرقة والاختلاف في الموقف والرأي تضعف العرب وتكسرهم وتمكن الاعداء منهم وتحقق لهم مآربهم . فالامة العربية والاسلامية متى ما اجتمعت واتحدت ووحدت موقفها سوف لن تتمكن اية امة مهما بلغت قوتها النيل منها . والمعروف على مر السنين ، لا توجد أمة قوية وهي متفرقة ومشتتة ، وما ضعفت أمة اجتمعت وتكاتفت وارتبطت مع بعضها البعض ، فأعداء الامة العربية والاسلامية استفادوا من الحكاية الشعبية وطبقوها علينا ، حين انفردوا بالعراق القوة الضاربة للامة حامل المشروع القومي العربي والمناهض للمشروع الامريكي الصهيوني الفارسي ، وتمكنوا من تحييد بقية الثيران وجعلوهم يتفرجون على ذبح العراق وتدميره ، بحيث انفرد الاعداء بالعراق وتمكنوا منه . واصبح واقع الامة ضعيفا ومنكشفا  على الاعداء مما سهل على اعداء الامة من النيل منها وهذا ما حدث في كل من سوريا واليمن وليبيا ولبنان ، وكل ذلك حدث بعد ان أكل الثور الابيض الذي كان يحمي البوابة الشرقية للامة العربية .

واليوم جاء الدور على الثور الاحمر ( أي غزة العزيزة البطلة والشجاعة ) لينفردوا بها ويدمرونها ويهجروا شعبها الابي . وهي تهتف باعلى صوتها ( اكلت يوم اكل الثور الابيض ) . ألا تتعضوا يا حكام العرب إن الدور آت عليكم لا محال فيما اذا اعداء الامة انتصروا (لاسامح الله) في هذه المعركة المهمة بتاريخ الصراع العربي الصهيوني .

الا تجدون ان اعداءنا سينالون منكم انفرادا كما فعل الاسد في هذه الحكاية الشعبية ، الا تجدون ان وحدة الموقف ووحدة الصفوف ووحدة الامة تعطينا القوة والمنعة ضد اعدائنا ، وبعكسه ستندمون وترفعون اصواتكم وتقولون ( أكلنا يوم أكل الثور الابيض ) .