التناقضات اساس التطور
( فلسطين عربية )
أ. د. محمد طاقة
التناقض ، يعني منطقيا الاختلاف حول مسألة ما ، بالايجاب والسلب ، بحيث يفضي ذلك ، بان نصدق احدهما ونكذب الاخرى ،سواء كانت هذه مسألة اجتماعية ام سياسية ام اقتصادية الخ ..
والتناقض بشكل عام ، يمثل العمود الفقري لعملية التطور ، وهو اساسه ، فلولا التناقضات الثانوية ، لما حدث التطور والتقدم على مستوى شؤون الحياة .
كون التناقض موجود في عملية تطور كل شيء منذ البداية وحتى النهاية ، وهذه التناقضات تكون كامنة في باطن الاشياء
وهي التي تسبب تطورها وتكون محركا لها
وان المشكلة الاساسية في تطور الاشياء ، انما تكمن في باطنها لا في خارجها ، اي في تناقضها الداخلي .
فهناك العديد من التناقضات ، اصبحت تمثل سمة العصر . ان التناقضات التي نعيشها تعتبر من المواضيع التي تهم كل البشر ، كونها تمثل طبيعة انسانية مهما حاول البعض اخفاءها .
وهنالك نوعان اساسيان من التناقضات ، التناقضات التناحرية والتناقضات الثانوية ، هذا اذا علمنا ان جميع الاشياء والظواهر
تحمل في طياتها الكثير من التناقضات الداخلية وان كل شيء هو وحدة متناقضات
وفي كل الاشياء والظواهر تتمتع بناحية ايجابية واخرى سلبية ، وكلها تمثل المصدر الاساس للتطور . ولو لم يكن هنالك تناقضات لبقيت الاشياء والظواهر ثابتة لم تتبدل بمعنى توقف الحياة . فالتناقضات الثانوية هي اساس التطور ، اما التناقضات التناحرية فهي لا تزول الا بزوال احد طرفي
التناقض أو الصراع .
فالتناقضات الاساسية الجذرية ( التناحرية )
انما تعني القضاء على القديم ونشوء الجديد
فالتناقض بين قوى الانتاج وعلاقات الانتاج
عندما يصل الى اقصاه فقوى الانتاج ستعمل على تمزيق علاقات الانتاج القائمة والغير مستوعبة لتطورها بحيث ينتج عن ذلك علاقات انتاج جديدة ، وهكذا يحدث التطور .
والشيء نفسه ينطبق بالنسبة للصراع الدائر
بين الامة العربية واعدائها وعلى وجه الخصوص الكيان الصهيوني .
فالصراع القائم اليوم بين الشعب الفلسطيني والمحتلين الصهاينة يشمل صراعا تناحريا وصراعات ثانوية ، فالصراع التناحري يتمثل بالصراع بين الامة العربية ومشروعها القومي العربي ( والذي يعتبر قضية فلسطين هي قضيته المركزية ) ومع الكيان الصهيوني المحتل لارض فلسطين
وان هذا الصراع لن يحسم الا بزوال احد طرفي الصراع ، وبما ان الامة العربية استحالة زوالها ، لذا فان زوال المحتلين الصهاينة ستكون نتيجة حتمية لهذا الصراع
بعد ان تتوفر جميع الضروف الموضوعية والذاتية لحسم الصراع .
اما ما يحدث اليوم في غزة ، وعملية ( طوفان الاقصى ) الشجاعة والتي باغت المقاومون الابطال العدو الصهيوني وكبدوه
خسائر جسيمة بحيث اصبح العدو يفقد صوابه وتوازنه ، ما هو الا في اطار التناقضات
الثانوية القائمة في هذا الصراع كون هذه المعركة لم تحسم الصراع القائم بين الامة العربية والعدو الصهيوني ، وانما هي بداية المعركة لحسم الصراع بشكل نهائي.
لذا يتوجب علينا مراقبة هذه التناقضات وحيثياتها وتفاصيلها وكيفية التحرك لمعالجتها ، ودراسة البنية الاجتماعية التي تتألف من مستويات مختلفة ، اقتصادية وسياسية وايديولوجية وفلسفية وغيرها ، ولكل منها تطورها الخاص بها وبالرغم من وحدتها ، الا انها في حالة متناقضة مع بعضها وعلى اساسها تحدث عملية التطور في المجتمع ككل ، فعلى المستوى السياسي ، فالتناقضات الثانوية
قد تؤدي الى بلورة موقف سياسي قد يؤدي
الى نتائج ايجابية نسبيا من اجل الوصول الى الاهداف المرحلية.
فيتوجب علينا معرفة التفاصيل الدقيقة لهذه التناقضات والوقوف على عناصرها
لان ذلك مفيد جدا عند اتخاذ القرار المطلوب اتخاذه ، فعلينا معرفة مايدور من حولنا في العالم والصراع الحاصل بين امريكا ومحورها والصين ومحوره من اجل تشكيل نظاما دوليا جديدا ، وما تأثير هذا الصراع علينا ، و معرفة القوى الاقليمية المتحالفة مع كل من المحورين ، وعلينا معرفة اين تكمن قوة عدونا ومن هم الذين يمدونه بالسلاح والمال ولماذا واين تكمن المصالح بين جميع هذه الاطراف.
ان معرفة كل هذه التفاصيل تمكننا من اتخاذ القرارات الصائبة وتنجينا من الخسائر
الكبيرة التي تقع علينا .
فعلينا جميعا ان ندرك ان الهجوم البربري
والعنصري والوحشي الذي يمارسه الكيان الصهيوني ضد شعبنا الامن والصابر والبطل
في غزة ، سوف لن ينهي الصراع بيننا كما يتصور العدو الغاشم ، قد يتمكن من حسم المعركة لصالحه بسبب تفوقه العسكري
( لا سامح الله ) ، لكن قضية فلسطين تسكن في قلوب وأحدا ق كل الامة العربية والاسلامية .
فرغم كل ما يفعلوه الصهاينة وبمساندة ودعم مطلق من قبل امريكا واوربا ان يتمكنوا من محو فلسطين ومقاومته البطلة على الاطلاق .
فعلى الشعب العربي من المحيط الى الخليج والحكام العرب ان يدركوا إن ما يجري في غزة من استهداف خطير ما هو الا
مخطط معد له مسبقا ، وهو ابعد من موضوع غزة بكثير ، فهم يستهدفون الامة العربية باكملها وطمس هويتها العربية وتدمير كيانها ، كما فعلوا في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا ، واذا استمر العرب بغفوتهم ويفرطون بحقوقهم ويستمرون بضعفهم ويقبلون ان يفرض عليهم التطبيع مع العدو الصهيوني فالمشروع الصهيوني الامريكي الفارسي سيحقق ما يصبوا اليه
وهو تهميش الامة العربية لمئة سنة قادمة
( اصحوا يا عرب كافي اهانة ) ، فالماسونية العالمية التي تتحكم وتقود كل ما يجري في هذا العالم تستهدف بالدرجة الاساس العروبة والاسلام الحقيقي ، لذا يتوجب علينا
ان نعد العدة لمواجهة هذا العدو الذي نحن في تناقض تناحري معه ، فوحدة الصف العربي ووحدة الكلمة ووحدة الامة العربية
هو الطريق الوحيد لتحقيق النصر