الحوار الوطني ضرورة موضوعية ..
أ. د. محمد طاقة
شاركت في مؤتمر المغتربين العراقيين الرابع عشر والمنعقد يومي ٤،٥/آيار/ ٢٠٢٤ في اثينا ، كعادتي اشارك في جميع مؤتمرات المغتربين ، ولكن لهذا المؤتمر طعم خاص حيث اثار اهتمامي مسألتين جوهريتين ، الاولى الحضور النوعي للاخوة الذين حضروا المؤتمر والذي بلغ عددهم اكثر من مئة عضو وهنالك اعداد كثيرة لم يحصلوا على فيزا واسباب اخرى منعتهم عن الحضور وارسلوا برقيات تهنئة للمؤتمر ، والاهم من ذلك هو النوع الذي تميز به هذا المؤتمر فكان من بين الحضور عدد كبير من علماء العراق الذين يعيشون في الغربة فمنهم علماء في الاقتصاد والسياسة والقانون والطب والهندسة واساتذة جامعات ومفكرين واعلاميين والاهم بالنسبة لي الشباب وكانوا فعلا يمثلون رجال المستقبل حيث ساهموا بشكل فاعل في هذا المؤتمر ، اما النقطة الاخرى التي اثارت اهتمامي جدا ، هي الموافقة بالاجماع على مقترح قدم للمؤتمر حول ضرورة السعي لان تتبنى منظمة المغتربين مشروع الحوار الوطني . وتضمنت التوصيات هذا المقترح وتم تشكيل لجنة لمتابعة هذا الموضوع .
فالحوار الوطني يعتبر اساساً لتحقيق التوافق وتعزيز الفهم المشترك بين القوى الوطنية العراقية والتي تمثل مختلف شرائح المجتمع وهنا لابد من توفر بعض الشروط لانجاح المشروع الوطني ومنها اعتماد مبدأ الاحترام المتبادل بين جميع الاطراف مهما كانت اختلافاتهم واعتماد الهدف المركزي لهذا الحوار الا وهو العراق وتحريره من ايدي المحتلين ، وهو هدف يجمع جميع الاطراف . والعمل بجد من اجل تحقيق هذا الهدف وترك جميع الخلافات جانباً ، وان يتمتع الحوار بالشفافية والصدق لضمان بناء الثقة بين جميع الاطراف المشاركة وان تمارس الاستماع الفعال لجميع الاراء دون تمييز ، وان يكون الحوار مرتكزاً على التعاون والتضامن لتحقيق الهدف المنشود .
ولا بد من توفر الضروف الواجبة لنجاح الحوار الوطني وفي مقدمة هذه الضروف توفر الارادة السياسية من جميع الاطراف للمشاركة في الحوار وتحقيق الاستقرار والتطور . وعلى الجميع التمسك بالمشاركات التي تجمعنا ونبذ الخلافات في هذه المرحلة . أي بمعنى تجاوز الذات والانتقال الى الموضوعي وبما يخدم اهدافنا في تحرير العراق . بالاضافة الى ذلك لا بد من المشاركة الشاملة اي يجب ان تشمل المشاركة في الحوار جميع الاحزاب والمنظمات الوطنية الحقيقية دون استثناء والرافضة للعملية السياسية وحكومات الاحتلال المتعاقبة والعميلة لكل من امريكا وايران . والعمل على تذليل كل الصعاب التي تقف عائقاً امام لم شمل القوى الوطنية العراقية .
ولا بد من التفكير بضرورة توفر الموارد المالية الازمة لدعم الحوار الوطني وتحقيق اهدافه بنجاح .
كما لا بد من العمل على تشجيع المشاركة الشبابية وان تعطي الفرصة للشباب للمشاركة الفعالة في الحوار الوطني والسماع الى آرائهم وافكارهم . وممارسة الثقافة الديمقراطية في المجتمع لتشجيع المشاركة في الحوار واعتماد احترام الرأي والرأي الاخر .
ومن خلال تحقيق هذه الشروط وغيرها وتطبيق هذه المقترحات يمكن ان يكون الحوار الوطني فعالا ً في تعزيز الفهم المتبادل وتحقيق التوافق في المجتمع .
ومما تقدم نحن نعتبر مؤتمر المغتربين الرابع عشر تحول نوعي عن بقية المؤتمرات وعلى وجه الخصوص تبنيه مشروع الحوار الوطني لانه بالفعل ضرورة موضوعية .
وبنفس الوقت اطلعت على بعض المقالات التي تهاجم هذا المؤتمر ولاسباب اجهلها وكذلك اجهل اصحاب الذين كتبوا هذه المقالات ، مع الاسف الشديد ان مؤتمراً يحضره خيرة علماء العراق ينسب اليهم ما ليس فيهم ، اعتقد ان هؤلاء الذين يهاجمون انعقاد المؤتمر يحملون في نفوسهم عقداً مركبة لا يستطيعون تجاوزها سامحهم الله ..